[الملك رومانوس يستظهر على بني مرداس وينزل تبّل]
وعاد ثمال إلى حلب لحفظ القلعة، وتوجّه نصر أخوه في عشيرته وأصحابه ومن انضاف إليه نحو عسكر الملك، فلقوه في ناحية قيبار، فتبادروهم وطاردوهم، فاستظهر الروم عليهم،
[العرب ينزلون الهزيمة بالروم عند أعزاز]
ونزل الملك بجيوشه على تبّل [1] من بلد أعزاز، في موضع قريب من الجبل لا ماء فيه، وضرب حول عسكره خندقا عظيما، ودارت الرّجالة بالتراس بجميع الخندق، حسب ما جرت به عادة الروم في عساكرهم، وحازت العرب المواضع التي فيها الماء واتّسعوا بها.
وأنفذ الملك طائفة من عسكره إلى حصن أعزاز لمشاهدته وتمييزه، والعودة إليه بذكر حاله، لينفذ إليه من المقاتلة والآلات التي يقاتل بها الحصون ما ينبغي. وتبع ذلك الطائفة المتقدّرة، وجماعة من متعلّقة العسكر ولفيفه. فطاردهم العرب بعد منصرفهم من على أعزاز، فانهزم المتعلّقة، وانهزم بانهزامهم أكثر المقاتلة، وثبت بعضهم، وقاتلوا، وقتل من الفريقين جماعة، وأسرت العرب من الروم المنهزمين عددا كثيرا، وعاد الباقون إلى معسكرهم في يومهم ذلك، وهو يوم السبت ثامن آب، وخامس شعبان من السنة، وتبعهم العرب وداروا بالعسكر، وضعفت نفوس من فيه باستظهار العرب عليهم، وبهزيمة أصحابهم، وبفقد من قتل منهم وأسر. وضيّق العرب على من يروم الخروج من العسكر، وناوشوا من في أطرافه من الرجّالة أصحاب التراس، وحملوا عليهم، وتخطّوا [2] الخندق، وهجموا على السّوق الذي في العسكر ونهبوه وعادوا. وتخاذل [3] الروم عن دفعهم وحربهم، فتأكّد طمع العرب فيهم، وانضاف إلى ذلك استضرارهم بقلّة الماء، وتحقّق الملك حينئذ أنّ الوقت كان غير موافق للغزاة، وأنّ الحال قد كانت تقتضي لو أنّ [1] تبّل: بالضم ثم الفتح. من قرى حلب ثم من ناحية عزاز. بها سوق ومنبر. (معجم البلدان 2/ 14). [2] في طبعة المشرق 256 «تحطوا». [3] في طبعة المشرق 256 «تخازل».